أقرطيط: الجزائر عالقة في الإنكار أمام دينامية المغرب تُجاه قضية الصحراء

marocain
4 Min Read

أعادت الجزائر، أمام أشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة،، عبر وزير خارجيتها أحمد عطاف، تبني خطابها التقليدي بشأن نزاع الصحراء، وهو الخطاب الذي قال متتبعون إنه لم يخرج عن الإطار المألوف الذي التزمت به الدبلوماسية الجزائرية منذ عقود، إذ جددت الجزائر دعمها العلني لجبهة البوليساريو الانفصالية، في وقت تتسع فيه رقعة الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على الصحراء.

وتشير تحليلات متقاطعة إلى أن إصرار الجزائر على هذا النهج يشكل تجاهلا للدينامية الجديدة التي أفرزتها مواقف قوى دولية كبرى داعمة لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كإطار واقعي لإنهاء النزاع، فيما يعكس استمرار توصيف الملف بـ”نزاع الصحراء الغربية” مقاربة متقادمة توحي وكأن الزمن توقف عند سبعينيات القرن الماضي، في حين أن التطورات السياسية الأخيرة أفرزت موازين جديدة على الساحة الدولي، الأمر الذي يفرض سؤالً ملحا: هل تراهن الجزائر على تعطيل أي تسوية ممكنة ولو على حساب استقرار المنطقة، وإلى متى ستظل متشبثة بخطاب ماضوي يتجاهل التحولات ويصطدم بالواقع الدولي ؟

لحسن أقرطيط، كاتب وباحث في العلاقات الدولية، اعتبر أن تصريحات وزير الخارجية الجزائري “منفصلة عن الواقع” وتعكس “حالة إنكار شديدة” لدى النظام الجزائري، خاصة وأنها تتجاهل القرارات الأخيرة لمجلس الأمن التي تؤكد على أولوية مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي وذي مصداقية لإنهاء النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء.

وأضاف أقرطيط، في تصريح لـ”سفيركم”، أن توصيات مجلس الأمن الأخيرة تشكل قاعدة الشرعية الدولية فيما يخص النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، موضحًا أن حالة الإنكار تتجلى في تجاهل الجزائر للدينامية الجديدة على الصعيد الدولي والإقليمي، والتي تدعم سياسياً ودبلوماسياً مقترح المغرب لإنهاء النزاع.

وفي السياق ذاته، شدد الباحث على أن النظام الجزائري، الذي استثمر أكثر من خمسة عقود في هذا النزاع سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، لم يحقق النتائج المرجوة، وأوضح أن التحالفات التي كانت تقودها الجزائر في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بدأت تتفكك تدريجيًا، مع تبني العديد من الدول لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما يضع الجزائر في عزلة متزايدة على الساحة الدولية.

وأشار أقرطيط إلى أن بعض دول أمريكا اللاتينية قد أبدت خلال السنوات الأخيرة موقفًا واضحًا بفك ارتباطها مع جبهة البوليساريو، فيما أعلنت دول إفريقية مثل إثيوبيا وكينيا وجنوب إفريقيا وغانا سابقًا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية وسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهذا يعكس، بحسب الباحث، الضغوط الداخلية المتنامية على النظام الجزائري بعد خمسة عقود من تصوير المغرب كـ”عدو خارجي” والترويج للمشروع الانفصالي في المنطقة.

وأكد أقرطيط أيضا أن التوترات الإقليمية التي تواجهها الجزائر، سواء مع دول الساحل والصحراء، أو مع ليبيا وموريتانيا، إضافة إلى العلاقات المتوترة مع الدول الأوروبية، تمثل ضغطًا سياسيًا كبيرًا على النظام، وهو ما يظهر جليا في تصريحات أحمد عطاف، التي تعكس فقدان البوصلة، وعجز الجزائر عن تغيير المعطيات على الأرض، رغم الدعم العسكري لجبهة البوليساريو، بينما يواصل الجيش المغربي ممارسة سيادته الكاملة على التراب الوطني.

وفيما يتعلق بقوة المغرب المتصاعدة، أوضح الباحث أن المملكة تحقق نجاحات على المستويين الإقليمي والدولي، وأصبحت شريكًا سياسيًا للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة في عدد من القضايا، فيما أصبحت مدنها، مثل فاس والرباط ومراكش، نقاط ارتكاز للمؤتمرات والمحافل الدولية، ما يزيد من الضغط على الجزائر.

كما أشار أقرطيط إلى أن إنكار الجزائر يشمل تجاهل توصيات مجلس الأمن، التي حددت الأطراف بوضوح وأكدت على مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لإنهاء النزاع، وأكد أن القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2756 يعكس الدينامية الجديدة لملف الصحراء المغربية ويؤكد أن الجزائر هي الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل.

Share This Article