أهويو: خطابات الملك الموجهة للبرلمان تشكل أهم مظاهر التوجيه الدستوري والسياسي

marocain
3 Min Read

قال الأستاذ الجامعي حسن أهويو إن الخطب الملكية الموجهة للبرلمان تشكل أحد أهم مظاهر التوجيه الدستوري والسياسي في النظام المغربي، باعتبارها تصدر عن أعلى سلطة في الدولة وتجسد الرؤية الرسمية السامية التي تؤطر العمل البرلماني والحكومي.

وأكد الباحث في دراسة له أن الخطاب الملكي ليس مجرد حدث بروتوكولي أو تقليد دستوري، بل يمثل لحظة سياسية حاسمة يتم فيها توجيه بوصلة العمل التشريعي والرقابي نحو القضايا ذات الأولوية الوطنية.

وأوضح أن الخطاب الملكي الافتتاحي للدورة التشريعية الأولى من كل سنة يشكل نقطة انطلاق حقيقية لمسار التشريع والمراقبة، إذ يحدد القضايا التي يتعين على البرلمان والحكومة التركيز عليها، مستشهدا بخطب السنوات الأخيرة التي دعت إلى تعزيز الأمن الاستراتيجي في مجالات الغذاء والصحة والطاقة، وتحقيق الإنعاش الاقتصادي، وتنزيل النموذج التنموي الجديد، واستكمال ورش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.

وبين أن الرئاسة الملكية لجلسة الافتتاح تكتسي رمزية خاصة لما تحمله من دلالات دينية ووطنية تعكس مكانة الملك كرئيس للدولة وضامن لوحدة البلاد.

وأشار أهويو إلى أن الدساتير المغربية المتعاقبة قد نصت على حق الملك في مخاطبة الأمة والبرلمان، مبرزا أن الفصل 52 من دستور 2011 منح لهذه الخطب حصانة مطلقة تمنع مناقشة مضمونها داخل البرلمان، لأنها تعبر عن إرادة سامية ملزمة للسلطات العمومية.

وأضاف أن ما تتضمنه هذه الخطب من توجيهات وتعليمات يكتسي قوة قانونية وأثرًا مباشرا في صياغة السياسات العمومية وسن القوانين، مذكرا بعدة أمثلة تاريخية أبرزها حل الحزب الشيوعي المغربي سنة 1960 بناء على خطاب ملكي، وقرار تخفيض كلفة الكراء سنة 1980، وإحداث صندوق محمد السادس للاستثمار سنة 2020.

كما بين أن للملك حق طلب القراءة الجديدة لأي مشروع أو مقترح قانون صادق عليه البرلمان، إذا تبين له أنه لا ينسجم مع المصلحة العليا للدولة أو مع روح الدستور.

ورغم عدم تفعيل هذه الآلية في الممارسة العملية، فإنها تظل تعبيرا عن مكانة الملك باعتباره الممثل الأسمى للأمة والمشرع الأعلى الذي يضمن عقلنة الإرادة التشريعية للبرلمان.

وأكد أهويو أن إصدار الأمر الملكي بتنفيذ القوانين يمثل بدوره وسيلة دستورية لتوجيه التشريع وضمان انسجامه مع التوجهات العامة للدولة، إذ لا يصبح القانون نافذا إلا بعد وضع الطابع الشريف عليه.

واعتبر أن التعديلات الدستورية منذ 1992 ساهمت في تحديد آجال واضحة للإصدار والنشر، مما عزز فعالية العملية التشريعية ومكن من تجاوز الثغرات السابقة.

واختتم الأستاذ حسن أهويو تحليله بالتأكيد على أن الخطب الملكية تشكل مرجعية دستورية وسياسية عليا، وأنها ليست مجرد أدوات رمزية بل آليات عملية لتأطير الفعل البرلماني والحكومي، وتوجيه السياسات العمومية بما يخدم المصلحة العليا للوطن ويجسد روح الدولة الحديثة القائمة على التوازن بين السلط والمسؤولية المشتركة في خدمة المواطنين.

Share This Article