مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، يواجه المغرب تحديا مزدوجا يتعلق بضمان نزاهة العملية الانتخابية، ومواكبة التحولات التكنولوجية التي أعادت تشكيل طرق إدارة الحملات والاقتراع، حيث تتجه بعض التحليلات إلى اعتبار الانتخابات، اليوم، أكثر من مجرد استحقاق سياسي دوري، حيث أصبحت مقياسا لقدرة المؤسسات المغربية على استيعاب تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في مواجهة التضليل الإلكتروني، وتشويه الحقائق، والتدخلات المحتملة من جهات خارجية.
وفي هذا الإطار، أكد أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن تجربة العديد من الدول، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية، أظهرت هشاشة الحملات الانتخابية أمام موجات التضليل وتزييف الحقائق، وتشويه سمعة المتنافسين، فضلًا عن القلق من تزوير النتائج أو التدخل الأجنبي، ومن هنا، “يصبح لزامًا على المشرع المغربي والأحزاب السياسية إدراج بعد الذكاء الاصطناعي ضمن خططهم الانتخابية لضمان نزاهة الاستحقاقات المقبلة”.
وشدد السعيد في تصريحه لـ”سفيركم” على أن الرقمنة ليست خيارا بل ضرورة عملية، إذ يجب إدماج التكنولوجيا في جميع مراحل العملية الانتخابية، من تسجيل الناخبين ومكاتب التصويت، إلى معالجة الشكايات والتظلمات، وإعلان النتائج بدقة وشفافية، وصولًا إلى توفير وسائل اتصال رقمية، مثل الرقم الأخضر لتسهيل التواصل والتنسيق بين المكاتب.
وأضاف المتحدث أن التجارب الأجنبية، مثل كرواتيا والدانمارك ورومانيا وإستونيا وفلندا ولوكسمبورغ ومالطا، تقدم دروسًا قيمة للمغرب: إذ اعتمدت هذه الدول رقمنة معظم مراحل العملية الانتخابية من التسجيل التلقائي للمواطنين إلى نشر نتائج المحاضر على المواقع الرسمية. وتبرز إستونيا كنموذج فريد اعتمد التصويت الإلكتروني بالكامل، بينما اتبعت بقية الدول نماذج مختلطة تجمع بين الرقمنة والتصويت التقليدي.
واختتم السعيد بالتأكيد على أن نجاح الرقمنة الانتخابية في المغرب يتطلب تعزيز الإدارة المختصة عبر توفير الوسائل اللوجيستيكية والتقنية والمالية، وتحفيز الموارد البشرية المكلفة بهذا الورش الحيوي، لضمان انتخابات نزيهة وشفافة تُلبّي تطلعات المواطن المغربي، وتواكب التطورات العالمية في مجال الحوكمة الانتخابية.
ياسمين اشريف