انخرطت كلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، في نقاش القوانين الانتخابية، الذي تعرفه المملكة، من خلال تنظيم يوم دراسي خُصصته لتناول المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، تحت عنوان “المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب ورهان تعزيز الممارسة الديمقراطية بالمغرب”.
خصوصية انتخابات 2026
وربطت الأستاذة الجامعية، فتيحة بشتاوي، انتخابات 2026 بسياق تنظيم مونديال 2030، موضحة أن الانتخابات المقبلة تكتسي طابعا تاريخيا، لأنها لا تنحصر في الرهانات السياسية فقط، بل تمتد إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية مرتبطة بتنظيم كأس العالم مع البرتغال وإسبانيا.
وتابعت أن إقبال المملكة على احتضان تظاهرات عالمية كبرى، سيجعل أنظار الملاحظين الدوليين متجهة نحوه خلال هذه المحطة الانتخابية.
بشتاوي أكدت في ذات السياق، أن الدولة تراهن بشكل واضح على الرفع من نسبة المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، مع السعي إلى استرجاع الثقة الانتخابية واستقطاب كفاءات سياسية قادرة على تجديد النخب وتعزيز الممارسة الديمقراطية.
وربطت هذا التوجه بمضامين مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المعدل للقانون 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والذي يقر إغلاق باب الترشيح في وجه الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية بالعزل من مناصب انتدابية، مع إسقاط أهليتهم للترشح في انتخابات 2026.
ولفتت بشتاوي إلى أن المشروع ينص كذلك على منع الترشح على كل من صدر في حقه حكم نهائي بالعزل، أو حكم سالب للحرية، أو عقوبة حبسية موقوفة التنفيذ، إضافة إلى إدراج حالات التلبس بجناية أو جنحة ضمن أسباب فقدان الأهلية، استنادا إلى المادة 7 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الإعلام العمومية خلال الحملات الانتخابية.
وشرحت أن النص التشريعي يشدد المقتضيات على هذه الفئة بمنحها حق استرجاع الأهلية الانتخابية فقط بعد مرور دورتين انتخابيتين كاملتين على صدور الحكم النهائي، مع استثناء المدانين في قضايا جنائية بالعقوبات الموقوفة التنفيذ.
وتطرقت بشتاوي أيضا لموضوع التنافي، إذ أشار المشروع إلى إمكانية الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة جماعة يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة، خلافا لما جاء في المادة 13 في صيغتها السابقة. وقالت إن هذا التوجه أثار نقاشا حادا بين من يرى فيه دعما للترافع المركزي على قضايا الساكنة، وبين من يعتبر أن تدبير الجماعات الكبرى يتطلب تفرغا كاملا، ما يستدعي توسيع حالات التنافي بدل تضييقها.
رهان التخليق
من جهته الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والسياسية جامعة ابن طفيل، وائل أوشن، أكد على أن تخليق العملية الانتخابية يشكّل جوهر الرهان الديمقراطي المرتبط بالاستحقاقات المقبلة، مستحضرا مشروع القانون رقم 53.25 الذي يقترح تعديلات جوهرية على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.
وأضاف أوشن، أن النص الجديد يتجه نحو التشديد في مسألة فقدان الأهلية، بحيث يشمل المتابعين في حالة اعتقال والمدانين ابتدائيا في الجنايات المرتبطة بالاختلالات الانتخابية، في حين كان القانون السابق يشترط حكما نهائيا مكتسبا لقوة الشيء المقضي به.
وتساءل في كلمته عن مدى انسجام هذا التوجه مع مبدأ دستوري راسخ يتعلق بقرينة البراءة كما تنص عليها الفقرة الثالثة من الفصل 23 من الدستور، معتبرا أن هذا النقاش يظل مفتوحا بين مقتضيات الردع وضمانات العدالة.
وأوضح رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية، أن مشروع القانون حاول أيضا تعزيز حياد السلطة عبر التنصيص على منع موظفي وزارة الداخلية من الترشح، تفاديا لأي شبهة استغلال للنفوذ خلال العملية الانتخابية، مبرزا أن هذا الإجراء يندرج ضمن رغبة واضحة في إعادة الثقة في تدبير الانتخابات وتحقيق مسافة أمان بين الإدارة والتنافس السياسي.
وأشار أوشن في جانب آخر إلى أن المشروع اتجه لتضمين مقتضيات جديدة تتعلق باستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، من خلال تقنين نشر الإعلانات والمنشورات الرقمية، مضيفا أن هذا التوجه يعكس وعيا رسميا متزايدا بالتحديات الجديدة التي تفرضها التقنيات الحديثة، سواء على مستوى التأثير أو التضليل.
وفي ما يتعلق بالدعم المادي المخصص للشباب، أوضح أوشن أنه يمثل فرصة لتشجيع المشاركة السياسية وفتح المجال أمام الوجوه الشابة.