النساء والبرلمان.. قريشي: المناصفة رهان ديمقراطي والكوطا تعاني اختلالات

marocain
4 Min Read

مع اقتراب الانتخابات التشريعية لسنة 2026، يعود الجدل حول تمثيلية النساء داخل البرلمان إلى الواجهة، ففي الوقت الذي تقترح فيه بعض الأحزاب توسيع المقاعد المخصصة للنساء، ترى حركات نسائية وحقوقية أن هذه المقترحات لا تعكس جوهر المناصفة التي نص عليها دستور 2011 في فصله 19، والذي يكرس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ويحث الدولة على اتخاذ تدابير لتقليص الفجوة بين الجنسين.

ويتقاطع النقاش حول تمثيلية النساء بين البعد السياسي والبعد القانوني والدستوري، وبينما تتباين المواقف الحزبية والجمعوية، يبقى الرأي القانوني مرجعا أساسيا لتوضيح حدود النصوص الدستورية وإمكانيات تنزيلها على أرض الواقع.

المصطفى قريشي، أستاذ القانون العام بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، أكد في تصريح لـ”سفيركم”، أن “المناصفة لم تعد شعارا انتخابيا، بل رهانا ديمقراطيا يحدد صدقية المسار السياسي بالمغرب ومدى التزامه بمبدأ المساواة الذي كرسه الدستور”، وأوضح أن المغرب اعتمد منذ سنة 2002 آلية الكوطا النسائية كجزء من التمييز الإيجابي، بهدف تصحيح وضع نسائي “تغذيه صور نمطية وثقافات إقصائية”، وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة السياسية واتخاذ القرار.

وقد ساهم هذا النظام، حسب قريشي، في تعزيز حضور النساء داخل المجالس المنتخبة، حيث وصل عدد النساء في مجلس النواب خلال انتخابات 2021 إلى 96 امرأة، 90 منهن عبر الكوطا واللائحة الجهوية و6 عبر اللوائح الوطنية، لكن هذا الرقم “لا يزال بعيدا عن المناصفة ولا يصل حتى إلى الثلث”، رغم مرور ثلاث ولايات حكومية بخلفيات سياسية مختلفة. وأضاف قريشي أن غياب هيئة المناصفة، رغم صدور القانون المنظم لها في أكتوبر 2017، يعكس بطء المسار التشريعي والمؤسساتي لتكريس الحقوق النسائية، مما يحد من فرص تعزيز مكتسبات النساء في المرحلة القادمة.

وفيما يتعلق بمشروعية الكوطا، أبرز قريشي أن المحكمة الدستورية أقرّت مشروعية الكوطا النسائية باعتبارها تدبيرا إيجابيا يهدف إلى تصحيح خلل تمثيلي ناتج عن مورثات ثقافية وتقاليد مجتمعية، بما يتوافق مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) التي صادق عليها المغرب، لكنه أشار إلى أن “الممارسة العملية أظهرت قصورا في تحقيق الهدف من الكوطا، إذ تعمد بعض الأحزاب إلى ترشيح مقربين أو زوجات دون مراعاة الكفاءة والاستحقاق، ما يجعل الإجراء يخرج عن أهدافه الأساسية”، ومن هنا تأتي ضرورة وضع آليات واضحة للاختيار والترشيح، وفرض عقوبات مالية وزجرية على الأحزاب التي لا تلتزم بتقديم الترشيحات النسائية وفق النسب القانونية.

وتنص الصياغة الدستورية للفصل 19 على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة، وهو ما اعتبره قريشي واجباً على الدولة في تبني هذا المبدأ تشريعيا وتقنيا، رغم أن النص يمكن قراءته أيضاً كمبدأ توجيهي يحتاج إلى تجسيد فعلي عبر قوانين وتدابير عملية، موضحا أن الممارسات الحكومية الحالية تتعامل مع هذا المبدأ كواجب واقعي ينبغي تفعيله، لكن التأخر في تشكيل هيئة المناصفة وغياب تحديد فترة زمنية لتحقيق المبدأ يضعف الالتزام الرسمي.

وخلص قريشي إلى أن تطبيق مبدأ المناصفة يجب أن ينعكس في جميع القوانين الانتخابية، بما في ذلك تخصيص ثلث المقاعد للنساء في الانتخابات التشريعية، وإلزام الأحزاب بترشيح عدد مهم من النساء على رأس اللوائح الانتخابية، وتفعيل هيئة المناصفة لدعم السياسات وتعزيز مكتسبات النساء.

ياسمين اشريف

Share This Article