أكد يوسف بونوال، القيادي بالحركة الشعبية، أن فهم الحاضر لا يمكن أن يتم دون استقراء للتاريخ، مشيرا إلى أن الأحداث اليوم هي نتاج تراكم تجارب وسياقات يكون للزمن فيها دور حيوي في تحديد طبيعتها ونتائجها.
وذكر بونوال في تصريح “لسفيركم” أن مرور أكثر من عقدين ونصف على ما يعرف بـ”الانتقال الديمقراطي” شكل لبنة أساسية لبناء تصور جديد للممارسة السياسية، حيث أصبحت الانتخابات الفيصل بين الأحزاب المتنافسة على السلطة، والتحدي الأكبر يكمن في ضمان مشاركة شعبية تمنح الشرعية للصناديق.
وأشار القيادي الحزبي إلى أن النقاش السياسي اليوم يركز على ضرورة تحصين وإكمال “البناء الديموقراطي والتنموي”، باعتباره ركيزة أساسية للمغرب، والذي كلف البلاد الكثير، منذ مرحلة “الإنصاف والمصالحة” و”الاستثناء المغربي”، وصولا إلى دستور متقدم جاء استجابة للحراك السلمي، ومهد لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وضعت المغرب في مكانة جيوستراتيجية مهمة على المستوى الإقليمي والقاري، وساهم في تعزيز موقفه في ملف القضية الوطنية.
وأبدى بونوال قلقه من بروز بعض الظواهر السلبية، لاسيما في ما يتعلق بجاذبية الأحزاب السياسية، التي أصبحت أقل تأثيرا على فئة مهمة من الشباب والنخب، ما ساهم في ارتفاع نسب العزوف السياسي والانتخابي، وظهور أشكال أخرى من النشاط السياسي خارج المؤسسات، والتي اعتبرها تهديدا للبناء الديمقراطي، نظراً لغياب سقف محدد واتفاق مشترك عليها.
وأشار بونوال إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، واصفا إياه بأنه خطاب “واضح وبلغة براغماتية”، جدد روابط البيعة وأكد شرعيتها التاريخية، مؤكدا على نعمة الاستقرار الدستوري والسياسي الذي ينعم به المغرب، وحث كل الفاعلين السياسيين والحزبيين على المساهمة الجادة والمسؤولة في البناء الديمقراطي والتنموي، وتشجيع المشاركة السياسية، مع استقطاب النخب والكفاءات المؤهلة.
وأضاف بونوال أن الخطاب الملكي وضع سقفا زمنيا لاعتماد المنظومة الانتخابية قبل نهاية سنة 2025، حيث كلف وزير الداخلية بعقد اجتماع مع زعماء الأحزاب لفتح باب المشاورات السياسية، وتم تقديم مذكرات الأحزاب تمهيداً لمناقشة القوانين المؤطرة للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026.
واختتم بونوال تصريحاته بالتأكيد على أن استرجاع الثقة في المؤسسات يمر عبر تخليق الحياة العامة، الحد من الريع السياسي، الابتعاد عن الخطاب السياسوي، تجديد النخب، ومحاربة الفساد، مشددا على أن المغرب يعيش مرحلة جديدة من البناء التنموي والسياسي والاقتصادي، مع مراعاة العدالة المجالية وتوزيع عادل للثروات، وضمان الاستقرار الداخلي كشرط لتعزيز مكانة المغرب دوليا في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.