“حمى” التزكيات تشعل أحزاب الأغلبية والمعارضة بجهة الدار البيضاء-سطات قبل تشريعيات 2026

marocain
4 Min Read

تعيش جهة الدار البيضاء-سطات، منذ أسابيع، على إيقاع حركية سياسية غير معلنة تقودها أحزاب الأغلبية والمعارضة، في سياق الاستعداد المبكر للانتخابات التشريعية المرتقب تنظيمها صيف سنة 2026.

حركية تتجسد في اجتماعات تنظيمية معلنة وأخرى سرية، واتصالات مكثفة، ولقاءات خلف الكواليس تمتد من مقاهي الأحياء إلى فيلات وفنادق ومنتجعات وفِرمات، بحثا عن تزكيات الترشح وضمان مواقع متقدمة داخل اللوائح.

وتغذي هذه الدينامية حدة الصراعات الداخلية بين جيل البرلمانيين المخضرمين، الذين راكموا سنوات داخل قبة البرلمان ويطمحون إلى الاستمرار، وجيل جديد يرفع شعار التناوب وتجديد النخب، في معركة مبكرة حول من يملك “الحق” في تمثيل الدوائر الانتخابية الستة عشر المكونة للجهة.

وفي هذا السياق، تعقد الأحزاب السياسية اجتماعات متتالية لتحديد منهجيات اختيار المرشحين، دون إدخال تغييرات على الخريطة الانتخابية، خلافا لما كان متوقعا عقب نتائج إحصاء 2024.

غير أن هذه الاجتماعات لا تخلو من تجاذبات حادة بين من يدافعون عن أحقية ترؤس اللوائح بناء على التجربة والنتائج السابقة، ومن يطالبون بفتح المجال أمام وجوه جديدة.

وبالتوازي مع العمل التنظيمي المحلي، يتحرك أعضاء من المكاتب السياسية واللجان الوطنية في صمت، دون الإفصاح عن مواقف واضحة، في وقت يسعى فيه مترشحون محتملون إلى الحصول على تزكيات مباشرة من القيادات المركزية، متجاوزين التنظيمات المحلية، في ممارسات تعكس عمق الصراع الداخلي وحدود الديمقراطية الحزبية.

ولم تحسم بعد معالم التزكيات داخل حزب الاستقلال، الذي يجد نفسه أمام معادلة صعبة بين تزكية البرلمانيين الفائزين في انتخابات 2021 والراغبين في الاستمرار، وبين مترشحين آخرين يطالبون بحق التناوب وتجديد النخب.

أما حزب العدالة والتنمية، فيواصل الالتزام بمنهجية “الترشيح الغيري”، حيث يتكفل الأعضاء بترشيح من تتوفر فيهم المعايير التنظيمية، غير أن الحزب بدوره يعيش صراعا بين قيادات سابقة ووجوه شابة تسعى إلى إعادة التموقع داخل المشهد السياسي.

من جهته، يعتمد حزب الأصالة والمعاصرة مقاربة مزدوجة تقوم على اختيار شخصيات يُنظر إليها كـ“قادرة على الفوز” بالنظر إلى وزنها الاجتماعي داخل الدوائر، مع ترك هامش للتنظيمات المحلية لاقتراح مرشحين بديلين.

وفي المقابل، يتجه حزب التجمع الوطني للأحرار، المتصدر لنتائج الانتخابات السابقة، إلى تكريس منطق “الحصان الرابح لا يُغيَّر”، عبر منح الأفضلية للبرلمانيين الذين أثبتوا قدرتهم على الفوز، مع إدخال تعديلات محدودة على بعض الدوائر.

ويطمح الحزب إلى حصد 16 مقعدا على مستوى الجهة، إضافة إلى مقاعد في اللوائح الجهوية والوطنية.

وعلى هامش هذه الترتيبات، تنشط عمليات استقطاب حزبي واسعة، حيث تفتح بعض التنظيمات أبوابها أمام الغاضبين والمنسحبين من أحزابهم، وفق شروط ترتبط أساسا بالقدرة الانتخابية والتموقع المحلي.

ويرتقب أن تستفيد من هذا الوضع أحزاب مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، إلى جانب بعض الأحزاب الصغرى.

في المقابل، تحافظ أحزاب اليسار، خاصة الحزب الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي، على حظوظ محدودة، في ظل ترشيحات توصف بالرمزية أكثر منها تنافسية، وذلك أمام اشتداد المنافسة واستعمال مكثف للمال والإمكانيات اللوجستية، وهي عوامل لا تتوفر بالقدر نفسه لدى مكونات اليسار.

وبين صراعات التزكيات، وتغول المال الانتخابي، وتراجع منسوب الثقة في الوساطة الحزبية، تبدو تشريعيات 2026 بجهة الدار البيضاء-سطات معركة مفتوحة على كل السيناريوهات، حيث لم تحسم بعد ملامح الخريطة السياسية ولا أسماء من سيحملون ألوان الأحزاب إلى صناديق الاقتراع.

Share This Article