في ظل الطفرة التي يعرفها القطاع الصناعي بالمغرب، أجرينا هذا الحوار مع رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، للحديث عن ارتفاع الأسعار ومسؤولية الوزارة، إضافة إلى رهان التشغيل ودور الكفاءات المتخرجة من مراكز التكوين المهني في إنجاح الاستثمارات الكبرى، كما ناقشنا تحقيق العدالة المجالية في توزيع المشاريع الصناعية بجهات المملكة.
فيما يلي نص الحِوار:
أين تتجلى مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار؟
لدينا المسؤولية مزدوجة، الأولى تتعلق بتوفير المنتوج وضمان وجوده في السوق، والثانية تتجسد في حرص الموزعين والبائعين على احترام القانون، الذي ينص على أن أغلب الأسعار أو جلها هي أسعار حرة، باستثناء بعض المواد التي تخضع للتقنين، مثل الغاز والكهرباء، ودورنا كحكومة ووزارة هو ضمان أن يكون العرض والطلب في المستوى حتى لا يكون هناك ضغط على الأسعار، وذلك من خلال احترام مبادئ المنافسة والشفافية.
لكن هناك أيضا عوامل دولية تؤثر على ارتفاع الأسعار، فمثلا عندما ترتفع أسعار المحروقات عالميا، يصعب أن يكون لنا تأثير مباشر عليها، كما أن بعض الأسعار ترتفع بسبب ندرة المياه، ما يؤدي إلى انخفاض في الوفرة، وهو ما نحاول معالجته عبر خفض الرسوم الجمركية لتسهيل الاستيراد واستعادة الوفرة، كما حدث في ملف اللحوم، حيث لاحظنا وجود بعض المتلاعبين في السوق، ممن وصفهم الأمين العام للحزب بـ”الفراقشية”، ونحن لا ننفي مسؤوليتنا في هذا الإطار، ولا نتهرب منها، بل نعمل باستمرار على أن تبقى الأسعار في متناول المواطنين.
المغرب أطلق مشاريع كبرى في مجالات صناعة السيارات والطيران، هل توفر لنا مراكز التكوين المهني الكفاءات التي تحتاجها هذه القطاعات؟
نعم، لدينا 330 ألف شاب وشابة يتخرجون سنويا من مراكز التكوين المهني، فيما يشغل قطاع الصناعة حاليا نحو مليون كفاءة، والرهان اليوم هو توفير المزيد من فرص الشغل.
الشباب أثبتوا ويُثبتون يوميا كفاءتهم في مختلف المصانع، مهما كانت جنسية المستثمرين، سواء جاؤوا من الصين، كوريا، أمريكا أو أوروبا، ونحن نفتخر بأداء كفاءاتنا، لأنهم الأساس، وهم من جعلوا المنصة الصناعية المغربية تتمتع بهذه القدرة على استقطاب المشاريع العالمية.
ماهو دور وزارتكم في الإدماج الاقتصادي؟
الوزارة لاىتوفر فرص شغل بشكل مباشر، لكن القطاع الصناعي يُشغل أكثر من مليون كفاءة، وخَلقَ خلال عشر سنوات الأخيرة 500 ألف منصب شغل إضافية، والإيقاع السنوي لخلق فرص الشغل للقطاع الصناعي تقريبا من 50 إلى 80 ألف فرصة شغل جديدة، هذا بالنسبة للقطاع الصناعي قطاع التجارة يشغل أيضا أكثر من مليون و500 ألف كفاءة ولكن التجارة لديها مناصب متنوعة، انطلاقا من التجارة على الرصيف وهي أيضا مهنة شريفة، إلى التجار الكبار الذين يشتغلون على “التريدينغ” عالميا.
كيف تعملون على تحقيق التوازن بين مختلف الجهات، وهل يجب أن نجعل من جميع المدن مدنًا صناعية؟
ليس بالضرورة، ولكن واجبنا هو أن نشتغل على كل مجال ترابي، عبر تحديد إمكانياته وما تخول له من قدرة على توفير فرص شغل لجميع المغاربة أينما كانوا.
تحديد القطاع الصناعي يلعب دورا كبيرا، فمثلا الصناعة المتوجهة للتصدير تحتاج قربا من الموانئ أو قربا من محل الإنتاج كالصناعة الفلاحية، ولكن هناك أيضا عددٌ من الصناعات التي يمكن توجيهها لبعض المجالات كالتي ترتكز على منتوجات محلية سواء كانت فلاحية، معدنية أو مايتعلق بالصناعة التقليدية التي يمكن أن نوفر لها أدوات أخرى لتقوية جودتها أو تقليص من زمن إنتاجها، حتى يمكن لكل جهة الاستفادة من هذه الطفرة الصناعية التي تعرفها المملكة، ليمشي المغرب بسرعة واحدة.
كيف يمكن إدماج الشباب المسمى ب”النيت” في النسيج الاقتصادي؟
“النيت” فيه حديث، لكن الحقيقة هي أن الاقتصاد لايخلق فرص شغل بما فيه الكفاية، وبما يناسب الطموحات ومتطلبات واختصاصات الشباب، وكل الرهان هو أن نقوي هذا الاقتصاد والاستثمار والتوزيع العادل لهذا الاستثمار في جل المجالات، لنستطيع توفير عرض شغل مناسب للشباب.