يشهد نشاط المغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ الإعلان عن موعد التصويت على مقترح الحكم الذاتي بمجلس الأمن الدولي، التفافا لافتا حول القضية الوطنية الأولى.
واستحوذ نقاش إقرار مقترح الحكم الذاتي على منشورات المغاربة وتعليقاتهم، حيث عبّر العديد منهم عن تفاؤلهم بما سيحمله القرار من انتصار ديبلوماسي جديد للمملكة، من خلال وضع صور للعلم والخريطة المغربية على بروفايلاتهم، ونشر منشورات تتضمن عبارات وطنية تشير إلى التمسك بالأقاليم الجنوبية والوحدة الترابية.
ويأتي هذا التفاعل على بعد أيام قليلة من إحياء الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، التي تأتي هذه السنة في سياق استثنائي.
ووِفقا للناشط الحقوقي خالد البكاري، فإن هذا التفاعل، يعكس أن قضية الصحراء عادت إلى واجهة اهتمامات المغاربة، مشيرا إلى أن من عاش مرحلة نهاية السبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات سيتذكر أن اهتمام المغاربة بقضية الصحراء والعلاقات المتوترة مع الجزائر خلال تلك الفترة كان قويا، لدرجة أن نشرات الأخبار الرسمية آنذاك كانت تجتمع عليها الأسر لمعرفة آخر تطورات الوضع.
وأوضح البكاري في حديثه لـ”سفيركم”، أن الفتور أصاب اهتمام المغاربة بالموضوع بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، مبرزا أن الانخراط في مسلسل للتسوية الأممية، تميز بالبطء والحفاظ على الوضع القائم من جهة، وباستفراد دائرة صغيرة في مربع الحكم بالموضوع، فكان استبعاد للأحزاب وللمجتمع، بغياب موضوع الصحراء لسنوات عن النقاش العمومي، بحسب المتحدث.
الناشط الحقوقي، لفت إلى أن الدولة في السنوات الأخيرة توجهت نحو بناء سردية وطنية قائمة على استعارة مفهوم الأمة المغربية، بهدف خلق إجماع حول الاختيارات الكبرى للدولة، فكان من الضروري إعادة قضية الصحراء إلى دائرة الاهتمامات الشعبية، باعتبار حمولتها السياسية، وأبعادها الإقليمية في العلاقة مع الجار الشرقي، عبر “الاستثمار في التعبئة وتثمين النجاحات الدبلوماسية خاصة في وسائط التواصل الاجتماعي”.
ويجب الإقرار أن الدولة نجحت في هذا المسار، يقول البكاري، مستحضرا تأثير التعبئة المضادة في الجزائر وإسهامها في خلق الالتفاف الوطني حول مغربية الصحراء.
وأكد البكاري في تتمة حديثه “سفيركم”، أننا اليوم أمام نوع من تجديد بناء شرعية النظام السياسي، وتشييد لمتخيل وطني يراد له أن يلتف حول المؤسسات السيادية باعتبارها ضمانة للمستقبل.
ويرى المتحدث أن لابد من استحضار عامل آخر، يمكن القول إنه مستقر في اللاوعي الجمعي للمواطنين، مرتبط برغبة جماعية في حل نهائي لهذا النزاع الذي يعتقد المغاربة أنه يؤثر سلبا على التنمية والتطور.
ويظل الإيجابي هو أننا أمام لحظة وطنية، يستدرك الناشط الحقوقي، مناديا بضرورة استثمار المشاعر الجمعية لهذه اللحظة في الانطلاق نحو حل باقي مشاكل البلاد بجرأة وشجاعة تغلب المصلحة العليا للبلاد والعباد، على اعتبار أن انتصار المغرب في جعل مقترح الحكم الذاتي الأساس الحصري لحل النزاع يحظى بترحيب دولي، “له كذلك تكلفته حتى يحافظ بلدنا على مصداقيته، وهذه التكلفة مرتبطة بوضع أسس حقيقية للانتقال الديموقراطي الحقيقي”، وِفقا لتعبير البكاري.