كشف سالم عبد الفتاح أن إعلان البوليساريو استعداها للتفاوض بشكل مباشر ودون شروط مسبقة مع المغرب، محاولة استباقية لامتصاص الضغوط الدولية وإظهار نوع من “المرونة الشكلية”، مؤكدا أنها تعكس ارتباكا جزائريا أمام الدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي.
وأوضح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح خص به موقع “سفيركم” الإلكتروني، أن تصريح جبهة البوليساريو حول “الاستعداد لمفاوضات مباشرة” لا يمكن فصله عن التحركات الدبلوماسية الأمريكية الأخيرة، التي قال إنها أعادت التأكيد على مركزية مبادرة الحكم الذاتي المغربية كإطار وحيد وواقعي للحل.
وأضاف أن الموقف الأمريكي، كما عبّر عنه مؤخرا كل من السفير ريتشارد ويتكوف والمبعوث الخاص مسعد بولس، يعكس قناعة راسخة بأن أي مخرج للنزاع لا يمكن أن يتجاوز المقترح المغربي، باعتباره الحل الجاد والعملي الوحيد الذي يحظى بقبول واسع داخل مجلس الأمن.
وذكر سالم عبد الفتاح أن ما يجري تداوله حول مسودة القرار الأممي المقبل يؤكد هذا التوجه بوضوح، إذ تتضمن إشارات صريحة إلى ضرورة استئناف العملية السياسية على أساس مرجعية الحكم الذاتي، مع تحميل الأطراف مسؤولية تيسير المسار التفاوضي دون شروط مسبقة.
وأردف قائلا إن الجزائر، باعتبارها الطرف الفعلي في النزاع، وجدت نفسها أمام ضغط متزايد لتوضيح موقفها والانخراط الصريح في المسار السياسي بدل التمترس خلف واجهة الجبهة الانفصالية.
وشدد سالم عبد الفتاح على أن تصريح البوليساريو هو مجرد “محاولة استباقية لامتصاص الضغوط الدولية وإظهار قدر من “المرونة الشكلية”، دون أن يعكس تحولا حقيقيا في الموقف”، لا سيما وأن الجزائر هي من تتحكم في مفاصل القرار داخل المخيمات.
واستطرد أن الجزائر وهي من تتحمل مسؤولية تعطيل جهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا، عبر رفض إحصاء قاطني المخيمات، ومنع تحركات المينورسو، والتشكيك في تقارير مجلس الأمن كلما جدد تأكيده على واقعية الحل المغربي.
وقال: “الوساطة الأمريكية اليوم تعيد ترتيب موازين الملف بما ينسجم مع الدينامية التي تقودها الرباط على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال توسيع دائرة الدعم لمبادرة الحكم الذاتي وترسيخ شرعية المقاربة المغربية الواقعية والبراغماتية”.
وخلص سالم بالتأكيد على أن التصريحات الصادرة عن الجبهة ليست سوى صدى لـ”ارتباك جزائري” متزايد أمام مشهد دولي لم يعد يقبل بغير مبادرة الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة للتفاوض، وكحل نهائي يضمن السيادة المغربية ويحقق الاستقرار الإقليمي المنشود.
وتجدر الإشارة إلى أن جبهة البوليساريو كانت قد أصدرت بيانا قالت فيه إنها تريد إجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب “بحسن نية ودون شروط مسبقة”، وذلك في رسالة وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل أيام من مناقشة مجلس الأمن الدولي لتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو).
ويذكر أن الجبهة الانفصالية قدمت إلى الأمم المتحدة “مقترحا موسعا” من أجل ما وصفته بـ”حل سياسي مقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي ويعيد السلم والاستقرار الإقليميين”، الذي يطرح خيار “الاستفتاء لتقرير المصير” الذي تخلت عنه الأمم المتحدة منذ سنة 2007 عندما تبنّى مجلس الأمن مقاربة تقوم على “حل سياسي واقعي ودائم ومقبول من الطرفين”، وهي المقاربة التي يستند إليها المغرب في الدفاع عن مبادرته للحكم الذاتي تحت سيادته.