شهبي: تقرير الحسابات يكشف أزمة مالية وتنظيمية خانقة داخل الأحزاب قبيل 2026

marocain
3 Min Read

كشف محمد شهبي، الباحث في العلوم السياسية، في تصريحه لـ منبر “سفيركم” أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مراجعة حسابات الأحزاب السياسية برسم السنة المالية 2023، والصادر في أبريل 2025، يعد وثيقة دقيقة تعكس الوضع المالي والإداري للتنظيمات السياسية المغربية، كما يشكل مؤشرا كاشفا للتحديات التي تواجه الحياة الديمقراطية الوطنية على بعد أشهر من الانتخابات التشريعية لسنة 2026.

وأفاد شهبي أن التقرير أبرز هيمنة مطلقة للتمويل العمومي على موارد الأحزاب، حيث يمثل حوالي 58% من إجمالي الموارد، في وقت سجلت الموارد الذاتية تراجعا حادا بنحو 38%، مشددا على أن هذا الاعتماد المفرط على المال العام يثير تساؤلات حول استقلالية الأحزاب وقدرتها على بناء قاعدة تمويل ذاتية مستدامة، خاصة أن خمسة أحزاب تعتمد كليا على التمويل العمومي دون مصادر بديلة.

وأوضح الباحث أن هذا التراجع في الموارد الذاتية يقرأ كمؤشر على ضعف انخراط المناضلين وتراجع جاذبية الأحزاب اجتماعيا، وهو ما قد ينعكس سلبا على قدرتها التنافسية في الانتخابات المقبلة.

وفي ما يخص التدبير المالي، أشار  شهبي إلى أن أكثر من 6% من النفقات المعلنة تفتقر إلى وثائق داعمة، علاوة على رصد تجاوزات في التحصيل النقدي، معتبرا دليلا على ثغرات منهجية في الشفافية والامتثال للقواعد التنظيمية.

أما على المستوى التنظيمي، أبرز شهبي أن عشرين حزبا تتوفر على هياكل إقليمية، لكن حضورها يبقى شكليا وهشا بسبب القيود المالية وضعف الإجراءات المحاسبية الداخلية، وهو ما يعيق قدرتها على التخطيط الميداني وخوض الاستحقاقات الانتخابية بفعالية.

من زاوية نقدية، شدد شهبي على أن التقرير يظل أسير مقاربة تقنية محاسبية ضيقة، إذ يغيب عنه التحليل السياسي والاجتماعي لتأثير هذه الاختلالات على تمثيلية الأحزاب ومصداقيتها أمام المواطنين، لافتا إلى أن التقرير كان صارما في تتبع التمويل العمومي، لكنه بدا متساهلا مع مصادر التمويل الذاتي التي تعاني من فجوات في التوثيق، ما قد يخفي مخاطر مرتبطة بتمويلات خفية أو غير مشروعة.

وانتقد المتحدث ذاته، غياب آليات إلزامية أو عقوبات رادعة تضمن تنفيذ التوصيات، معتبرا أن ذلك يضعف من قوة التقرير ويجعل توصياته أقرب إلى حبر على ورق،مؤكدا أن اللغة التقنية المعقدة التي اعتمدها التقرير حدت من قدرته على التأثير في النقاش العمومي.

واعتبر شهبي في تصريحه لـ “سفيركم” أن التقرير، رغم أهميته، يعكس صورة مقلقة عن استمرار هشاشة البنية الحزبية المغربية: اعتماد مفرط على المال العام، ضعف الموارد الذاتية، غياب الشفافية، وهشاشة القدرات التنظيمية. لكنه في الوقت نفسه يشكل دعوة إلى إصلاح جوهري يقوم على تعزيز الكفاءات الداخلية، وتطوير الأطر القانونية، وإظهار إرادة سياسية حقيقية لدعم الشفافية والمساءلة.

وختم الباحث تواصله مع “سفيركم” بالتأكيد على أن الرهان في المرحلة المقبلة لا يقتصر على التدقيق المالي فحسب، بل يتعداه إلى إعادة بناء الثقة بين المواطن وممثليه، وجعل الأحزاب قنوات حيوية تستجيب لتطلعات المجتمع. معتبرا أن الاستجابة لمضامين التقرير، أو تجاهلها، سيكون عاملا حاسما في تحديد مصداقية انتخابات 2026 وجودة الممارسة الديمقراطية المغربية في السنوات القادمة.

Share This Article