خلف قرار رئاسة الحكومة الإسبانية القاضي بإلغاء الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إلى مدينة سبتة المحتلة الخميس الأخير، قراءات متباينة باختلاف زوايا التحليل السياسي والديبلوماسي.
وكان من المنتظر أن يترأس سانشيز حفل افتتاح المحطة البحرية الجديدة بميناء المدينة، وهي منشأة تعد من أبرز مشاريع البنية التحتية التي مولتها الدولة الإسبانية خلال السنوات الأخيرة بالمدينتين المحتلتين.
محمد صابر، الباحث في العلاقات الدولية، قال إن العلاقات الثنائية الحالية بين المغرب وإسبانيا تعرف، ومما لا شك فيه، ودا وتقاربا كبيرين على عدة مستويات، غير أن الزيارات التي يقوم بها رؤساء الحكومات الإسبانية إلى مدينتي سبتة ومليلية دائما ما تتحمل قراءات سياسية ودبلوماسية خاصة.
ويرى المتحدث أن كل القراءات الممكنة لخلفيات إلغاء الزيارة من طرف سانشيز، ينبغي أن تُستحضر ضمنها الحساسيةُ التاريخية والسياسية لهذا الملف بين الرباط ومدريد.
وأضاف في تصريح لصحيفة “سفيركم” أن رؤساء الحكومات المركزية في مدريد ليست لهم عادة زيارات كثيرة إلى سبتة ومليلية، باعتبارهما تتمتعان بنظام الحكم الذاتي، مبرزا أنه خلال الأربعين سنة الماضية، لم تُسجل زيارات إلا في مناسبات قليلة أو خلال أحداث بارزة، كما وقع في سنتي 2021 و2022 اللتين شهدتا تطورات مهمة مرتبطة بأزمة الهجرة الكبرى على الحدود المغربية-الإسبانية وما رافقها من توتر في العلاقات بين البلدين.
ويرجحُ الباحث في العلاقات الدولية أن تغييرات جذرية طرأت على الأجندة السياسية للحكومة الإسبانية، ممثلة في رئيسها سانشيز، إذ تتغير هذه الأجندة بتغير السياقات السياسية والدبلوماسية الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة وأن هذه الجهة لا تخضع بشكل كامل لسلطة الحكومة المركزية في مدريد، كما أن هناك نقاشات دائمة حول إعادة طرح ملف سبتة ومليلية على الطاولة الدولية بخصوص قضية السيادة.
ويضع المتحدث لـ”سفيركم” فرضية أن ذلك عجّل بتأجيل الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة الإسبانية، حتى يتسنى له مناقشة الخطوات المقبلة ودراستها، قبل اتخاذ أي خطوة ذات أبعاد سياسية ودبلوماسية، إلى حين اتضاح السياق العام، خاصة في هذه الظرفية التي تتزامن مع الإقرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يشكل عنصرا مهما في الخريطة الجيوسياسية بالنسبة لإسبانيا.
وخلص إلى أنه، ورغم أهمية الاجتماع مع الكونغرس وتأثيره على سير المؤسسة التشريعية في إسبانيا، كان بإمكان رئيس الوزراء حضور الموعدين معا.
من حهته المهتم بالشأن الإسباني والعلاقات الإسبانية المغربية، محمد سريحن شرح ل”سفيركم” أن من بين أسباب إلغاء هذه الزيارة التطورات السياسية داخل إسبانيا خصوصا بعد إعلان حزب جميعا من أجل كطالونيا المُطالب باستقلال الإقليم، عن الانسحاب من الأغلبية البرلمانية الداعمة لحكومة سانشيز وكذلك مثوله يوم الأربعاء أمام البرلمان لمناقشة الوضعية السياسية الجديدة.
ويرى المتحدث أن إلغاء الزيارة ليس له أية علاقة بتطورات ملف وحدتنا الترابية، مذكرا بأن موقف بيدرو سانشيز والحكومة الإسبانية واضح من قضية الصحراء وبقراره التاريخي بدعم مخطط الحكم الذاتي.
وأكد أن العلاقات المغربية الإسبانية في أفضل أحوالها اليوم، وإسبانيا تعترف وتقر بدور المغرب الهام في محاربة الهجرة السرية والتعاون الأمني الفعال والتبادل التجاري غير المسبوق مع المغرب.