معتضد: الانفتاح الانتخابي على الشباب خطوة استراتيجية لضخ دماء جديدة في السياسة المغربية

marocain
3 Min Read

قال الخبير الاستراتيجي في الشؤون السياسية هشام معتضد في تصريح صحفي لجريدة”سفيركم” الالكترونية إن مبادرة تمكين الشباب من الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة، لا تقتصر على تعديل تقني في القانون الانتخابي، بل تمثل بحسب تعبيره حلقة جديدة في هندسة إعادة بناء المشهد السياسي المغربي، وفق رؤية ملكية بعيدة المدى تسعى إلى ضخ دماء جديدة في مؤسسات الوساطة والتمثيل، بعد أن استنفدت الأحزاب التقليدية رصيدها الحيوي.

وأوضح معتضد أن هذه المبادرة تشكل لحظة اختبار لمدى نضج الجيل الجديد في التفاعل مع منطق الدولة، أكثر مما هي مجرد تسهيل إداري للولوج إلى الترشح والمنافسة الانتخابية.

وشدد الخبير ذاته على أن ترشح الشباب دون 35 سنة سيكون عبر مسارين: إما من خلال اللوائح المستقلة أو عبر تزكية حزبية تستوفي شروط القانون ،معتبرا أن اللوائح المستقلة تمثل شكلا من أشكال التحرر السياسي المنضبط، إذ تمنح الشباب مساحة للمبادرة بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة، لكنها تخضع في الوقت ذاته لضوابط دقيقة تضمن الجدية والمسؤولية..حيث أن جمع 200 توقيع ليس حاجزا بيروقراطيا، بل تمرين على القدرة على إقناع الناخبين وبناء قاعدة دعم حقيقية قبل دخول الحملة الانتخابية.

وفي ما يتعلق باشتراط التمثيلية النسائية بنسبة 30% في الدوائر المحلية و50% في الجهوية، أفاد معتضد أن هذا الإجراء يعكس الرؤية الاستراتيجية للدولة نحو عدالة تمثيلية شاملة، مؤكدا أن الهدف ليس فقط تمكين الشباب، بل بناء مشهد سياسي يعكس تنوع المجتمع المغربي وتوازنه المجالي والجهوي.

و أشار الخبير إلى أن الدعم المالي العمومي الذي يغطي إلى حدود 75% من نفقات الحملة لا يعد هدية أو منحة انتخابية، وإنما آلية لضمان تكافؤ الفرص بين الفاعلين السياسيين الجدد، معتبرا أنه عقد أخلاقي بين الدولة والمرشح يقوم على الشفافية والانضباط في تدبير المال العام.

وأبرز معتضد أن الرقمنة في العملية الانتخابية عبر منصة الترشيحات الإلكترونية، تمثل خطوة نحو عقلنة المسار الانتخابي وإغلاق منافذ التلاعب، مبرزا أنها تجسد انتقال الدولة من “ثقافة الإذن” إلى “ثقافة الإجراء”، بما يعزز الشفافية والمساواة في الولوج إلى الترشح، ويعيد الثقة في العملية الانتخابية.

وشدد المتحدث ذاته، على أن الانفتاح القانوني وحده لا يكفي، إذ يتطلب من الشباب وعيا سياسيا واستراتيجيا يجنبهم تكرار أخطاء الأجيال السابقة، داعيا المترشحين الشباب إلى إظهار كفاءة في إعداد البرامج وقدرة على تدبير الحملات الانتخابية بفعالية ومسؤولية.

واعتبر معتضد أن المبادرة لا تهم الشباب فقط، بل توجه أيضا رسالة واضحة إلى الأحزاب السياسية بضرورة تجديد هياكلها واحتضان الكفاءات الجديدة، أو ترك المجال لقوى مجتمعية ناشئة، مبرزاً أن الدولة لا تعادي الأحزاب لكنها لا تقبل الفراغ السياسي.

وفي هذا الإطار، ختم الخبير تصريحه لـ”سفيركم” بالتأكيد على أن انتخابات 2026 ستكون مختبراً حقيقياً لمعالم مرحلة جديدة في السياسة المغربية، حيث تقود الدولة التغيير بهدوء استراتيجي من الأعلى، ويشارك الشباب من الأسفل بذكاء مدني، مشيرا إلى أن من يلتقط إشارات هذا التحول سيفتح لنفسه موقعا في مغرب الغد، فيما سيظل المترددون على هامش التاريخ السياسي الذي يعاد رسمه اليوم بهدوء.

Share This Article