أعادت الندوة العلمية الوطنية المعنونة بـ”تحولات الحقل الحزبي المغربي” التي احتضنتها يوم أمس الأربعاء 3 دجنبر 2025، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الشأن الحزبي إلى أحضان الجامعة والفضاء الأكاديمي.
وانقسمت الندوة لثلاث جلسات، حيث خصصت الجلسة الأولى للحديث عن التحول الذي عرفه الحقل الحزبي المغربي بلسان ممثلي الأحزاب، بينما خصصت الجلسة الثانية للحديث عن نفس التحولات من وجهة نظر القانون الدستوري والعلوم السياسية والإدارية، فيما كان تجديد الخطاب الحزبي في ظل الزمن الرقمي سمة الجلسة الثالثة.
هجرة الحقل الحزبي للجامعة
أحمد بوز، منسق ماستر الدراسات الدستورية والسياسية والإدارية، قال إن هذه الندوة هي استكمال لندوة سبق تنظيمها في ماي 2024 بغرض مساءلة الحقل الحزبي، على اعتبار أن السنوات الأخيرة عرفت قلة على مستوى الاهتمام بالشأن الحزبي بالرغم من التحولات الكبيرة التي عرفها هذا الحقل وطنيا ودوليا “حتى أصبح يكاد يخرج من دائرة اهتمام الأكاديمي”، وِفقا للمتحدث.
وأضاف في حديثه لصحيفة “سفيركم” الإلكترونية، أنه وفي مقابل ذلك، أصبح تركيز الأكاديمي منصبا أكثر على وسائل التواصل الحديثة وما له ارتباط بوسائل التواصل الاجتماعي والتطور الرقمي، الشيء الذي يبرر الرغبة في إعادة فتح موضوع وصفه بوز بـ”القديم الجديد” استشعارا لأهمية الحقل الحزبي ولأن الديمقراطية لا يمكن أن تكون بلا أحزاب.
وأوضح أن الهدف من الندوة يكمن في مساءلة الوضع الحزبي وارتباطه بالسياقات الدولية وإن كان تعبيرا عن أزمة أم عن تحول، وهل يعكس التحولات الحاصلة في رحم المجتمع أو التحولات التي تعرفها الدولة، مؤكدا “لا نزعم من خلال هذه الجلسة الأكاديمية أننا سنقدم حلولا أو اقتراحات أو توصيات وفي نفس الوقت لا أقول بداية تفكير، لكن هناك اهتمام بطريقة أو بأخرى، لذلك أردنا طرح الأسئلة التي يجب أن تطرح وأن نشرك في التفكير في هذه الأسئلة ليس فقط الأكاديميين بل أيضا الفاعلين السياسيين.
نشأة الحزب السياسي
من جهته عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، تحدث خلال مداخلته عن خصائص نشأة الحزب السياسي بالمغرب من منطلق فهم أن عدد من الإشكالات ليست وليدة اللحظة بل مرتبطة بظروف النشأة.
وأوضح في تصريحه لصحيفة “سفيركم” الإلكترونية، أن نشأة الحزب السياسي لم تأتي نتيجة تحولات اقتصادية واجتماعية كما حصل بالغرب أو نتيجة نقاش أفرز المجال السياسي بقواعد مضبوطة، ورسخ احترام الحقوق والحريات الأساسية، موضحا أن الأحزاب نشأت بالمغرب في بيئة تطالب بالاستقلال أساسا ولم تكن تعرف ما هي وظيفة التنظيم الأخرى المتعلقة بالسلطة والوساطة والترافع على مطالب المواطنين ومستلزمات التنظيم المؤسساتي الداخلي.
وتابع أن نموذج الدولة الذي كان بعد الاستقلال لم يكن محل اتفاق، إذ كان الاتفاق على شيء واحد هو إعادة “محمد الخامس إلى عرشه”، بينما لم تكن هناك أي تصورات موحدة حول طبيعة الدولة التي نريد، الأمر الذي أثر وِفقا لحامي الدين، في مسار تطور الحزب السياسي.
وأضاف “لقد انتظرنا لحدود 2006 لنضع قواعد التنظيم الحزبي بمستلزمات التنظيم الداخلي من مؤتمرات وتمويل وغير ذلك”.
حامي الدين لفت إلى أن ما وصفه ب”الأعطاب” التي تراكمت منذ النشأة، زاد من حدتها أيضا عدم الاتفاق على نموذج الدولة، مما خلف صراعا حول السلطة بين أطراف من الحركة الوطنية والقصر، وهو مادفع أيضا إلى خلق أحزاب لا تتوفر فيها مقومات الحزب السياسي فقط من أجل خلق التوازن، بحسب تعبير عضو الأمانة العامة لحزب “المصباح”.