تبدو وزارة الداخلية وكأنها تلقي “ورقة محاربة المفسدين” في ملعب الأحزاب السياسية، متخذة من ذلك مقاربة غير مباشرة لمعالجة مظاهر الفساد الانتخابي والأخلاقي في الساحة السياسية. يأتي ذلك، من خلال مطالبة الداخلية للأحزاب بالتوافق لصياغة “ميثاق أخلاقي أو ميثاق شرف”.
فإبعاد ذوي السوابق والمفسدين، ومنع استدراج الأصوات عبر الأموال والقفف والهدايا، ليست مسألة قانونية تفرض من الأعلى فحسب، بل شأن داخلي للأحزاب نفسها، تتعلق بثقافة التنظيم الداخلي ومدى التزامها بمبادئ الشفافية والمسؤولية.
بهذه الخطوة، تحول وزارة الداخلية المسؤولية جزئيا إلى الأحزاب، مطالبة إياها بالتفاهم فيما بينها لصياغة “ميثاق أخلاقي أو ميثاق شرف” يحد من الانتهاكات ويضع قواعد واضحة للسلوك الانتخابي.
وهي بذلك تتجنب الصدام المباشر مع الأحزاب، وتستخدم أسلوب الضغط الإيجابي الذي يترك لها حرية المبادرة، مع فرض رقابة معنوية وأخلاقية عليها.
لكن هذا الأسلوب يحمل معه تحديات كبيرة: ففعالية الميثاق تعتمد على مدى التزام الأحزاب، وقوة الأجهزة الرقابية الداخلية والخارجية، ووعي المواطن بالممارسات المشبوهة.
فبدون متابعة دقيقة وتطبيق صارم، قد يبقى الميثاق مجرد رمز أو خطوة شكلية لا تغير الواقع على الأرض.
من منظور تحليلي، يمكن اعتبار هذه المبادرة مؤشرا على توجه وزارة الداخلية نحو التوازن بين الرقابة القانونية وبين التحفيز على المسؤولية الذاتية للأحزاب، في محاولة للحد من الممارسات الفاسدة دون اللجوء إلى العقوبات الصارمة أو تعديل القوانين الانتخابية بشكل جذري.
وهي بالتالي خطوة أولى في بناء ثقافة سياسية أكثر أخلاقية، لكنها بحاجة إلى تكامل مع أطر قانونية وإجرائية لضمان النزاهة والشفافية في الانتخابات القادمة.