أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الصرف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تصدرت قائمة المستثمرين الأجانب في المغرب خلال سنة 2024، بحصة بلغت 18,9% من صافي التدفقات الاستثمارية المباشرة، أي ما يعادل 3,1 مليار درهم، متقدمة على ألمانيا والصين.
ويرجع خبراء هذا التقدم إلى عوامل تاريخية واستراتيجية، أبرزها متانة العلاقات السياسية بين البلدين والدعم الإماراتي المستمر لقضية الوحدة الترابية للمغرب، وهو دعم ترافقه استثمارات فعلية في قطاعات حيوية تشمل الطاقات المتجددة، الموانئ، النقل، الاتصالات واللوجيستيك، إضافة إلى العقارات والصناعات التحويلية.
في هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي، بدر زاهر الأزرق، أن تصدر الإمارات للمشهد الاستثماري في المغرب لا يرتبط بظرفية مالية عابرة، بل يعكس تحولا استراتيجيا في خريطة الشركاء الاقتصاديين، موضحا أن هذا التقدم منطقي، إذ لا يمكن فصله عن العلاقات التاريخية بين العائلتين الحاكمتين، فالدعم السياسي يجد ترجمته اليوم في شراكات اقتصادية طويلة الأمد، تشمل مشاريع استراتيجية هامة بالنسبة للجانبين.
وأضاف في حديث مع “سفيركم”، أن الزيارة الأخيرة للملك محمد السادس إلى الإمارات وما رافقها من توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية أعطت دفعة قوية للاستثمارات، حيث قامت على عقود طويلة المدى تعكس رغبة الإمارات في الاستثمار الدائم، لا المؤقت.
أما على المستوى القطاعي، فتُظهر معطيات مكتب الصرف أن العقارات استحوذت على 45,4% من صافي التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة، تلتها الصناعات التحويلية بنسبة 45,2%، كما ارتفعت إيرادات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10,2% لتصل إلى 43,8 مليار درهم، مقابل تراجع النفقات المرتبطة بها بنسبة 5,3% إلى 27,5 مليار درهم.
وفي هذا الصدد، اعتبر الأزرق أن هذا التوجه يعكس خيارا اقتصاديا مدروسا، إذ يسعى المغرب إلى تنويع شركائه الاستثماريين وتجاوز الاعتماد التقليدي على فرنسا وإسبانيا، بما يمنحه صمام أمان في مواجهة تقلبات الأسواق الدولية، كما أن موقعه الاستراتيجي، وقربه من أوروبا، وامتلاكه اتفاقيات تبادل حر مع الولايات المتحدة، وفرص تعاون مع الصين وروسيا، تجعل منه وجهة جاذبة للمستثمرين الإماراتيين وغيرهم.
ياسمين اشريف