في خضم تصاعد موجة الاحتجاج واتساع مؤشرات الاحتقان خلال اليومين الأخيرين بعدة مدن مغربية، أثار صمت الحكومة استغراب المتابعين، إذ اختارت الانسحاب خلف جدار الغياب، تاركة، حسب تعبيرهم، فراغا أربك القراءات وفتح الباب أمام تأويلات متباينة، فبين من اعتبر هذا الموقف تحفظا محسوبا يدخل ضمن مناورات سياسية لحماية مصالح ضيقة، رأى فيه آخرون انعكاسا لعجز تاريخي عن ممارسة القيادة وتحمل المسؤولية في لحظات الأزمات، ليطرح سؤال جوهري: هل هو خيار استراتيجي مدروس، أم علامة ضعف بنيوي في آليات التدبير السياسي؟
في هذا السياق، المحلل السياسي، خالد البكاري، يرى أن الأمر يتجاوز فكرة حماية المصالح، رغم أنّ التجربة الحكومية أبانت عن ميلها لتغليب مصالح اللوبيات المالية والأوليغارشيات النافذة، وأوضح أن صمت الحكومة مردّه بالأساس إلى اعتبارها أنّ الاحتجاجات ليست من صميم عملها، بل شأن أمني بيد وزارة الداخلية وأجهزتها، وهو ما يجعلها تنسحب خطوة إلى الوراء رغم مسؤوليتها المباشرة عن الأسباب التي فجّرت الاحتقان.
وأضاف البكاري، في تصريح لـ”سفيركم”، أنّ الحكومة، في لحظات الأزمات سواء المرتبطة بالاحتجاجات أو بالكوارث الطبيعية، تدخل في حالة انتظارية مترقبة للإشارات أو التعليمات من جهات عليا، في وقت يمنحها الدستور صلاحيات واضحة لتدبير مثل هذه الأوضاع الاستثنائية.
هذا العجز، بحسب البكاري، يفاقم إشكالا سياسيا مزدوجا: حكومة لا تتحمّل مسؤولياتها، وأحزاب عاجزة عن لعب دور الوساطة، والنتيجة فراغ مقلق في المشهد، تزيد خطورته مع استمرار الاحتجاجات التي قد ترفع سقف المطالب مع غياب قنوات الإنصات والتفاوض.