أثارت جلسة النقاش التي أدارها وزير الصحة، أمين التهراوي، مساء الأربعاء الماضي، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، تباينا في التقدير والقراءة، فبينما رآها البعض لحظة سياسية مغايرة كسرت رتابة النقاش البرلماني، حيث لعبت المعارضة دورها بجرأة ووضوح، اتجه آخرون إلى اعتبار هذه الدينامية البرلمانية مجرد حراك داخلي “محدود الأثر”، إذ لم تُسفر عن مقترحات ملموسة أو التزامات من شأنها أن تُعيد الثقة أو تُخفف من حدة الغضب المتصاعد، لتبقى، حسب تعبيرهم، أقرب إلى تمرين سياسي عابر.
عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، قال إن النقاش داخل البرلمان لم يكن حدثا استثنائيا أو يستحق الاحتفاء، بل كان عاديا جدا، مضيفا: “الوزراء في لحظات الأزمات غالبا ما يقولون أي شيء، وعند تقديم الوعود يفعلون الأمر ذاته، سواء في الوزارات أو القيادات الحزبية”.
وأشار العلام، في تصريح لـ”سفيركم”، إلى أن البرنامج الحكومي كان قد وعد بأن يحتل المغرب المرتبة الـ60 عالمياً في مؤشر التنمية البشرية، إلا أن الواقع الحالي يضع البلاد في المرتبة 120، مما يجعل الاحتفاء البرلماني شأنا يهم النخبة وبعض الفاعلين داخل اللعبة السياسية، بينما الشباب المحتجون في الشارع ربما لم يسمعوا أصلا بهذه التصريحات، لعدم اعتيادهم متابعة مثل هذه الجلسات.
وعن شكل الانفتاح البرلماني، أضاف العلام أن جلسات اللجان في عهد حكومة بنكيران كانت مفتوحة أمام الإعلام والصحافة، بينما أعادت حكومة أخنوش إغلاقها، قبل أن يُفتح نقاش أمس بشكل حصري، دون أن يحدث الأثر المرجو، لأن المواطنين غير معتادين على متابعتها.
وفيما يتعلق باعتراف وزير الصحة بوجود اختلالات وصفها بـ”الصادمة”، شدد العلام على أن الأفضل كان أن يقدم الوزير استقالته بدل الاكتفاء بالوعود الجديدة، خصوصا وأن الولاية الحكومية على وشك الانتهاء، مضيفا أن الإجراءات كان يجب اتخاذها منذ البداية قبل استفحال الأزمة، وأن الوضع في المستشفيات يعكس تدهور المنظومة الصحية، حتى بالنسبة لرجال الأمن المصابين خلال الاحتجاجات.
واختتم العلام حديثه بتوضيح فاعلية هذه الجلسات في تهدئة الشارع قائلا: “ما يهدئ المحتجين فعلا هو اتخاذ الدولة إجراءات عملية وملموسة، سواء عبر خطاب سياسي قوي من الملك محمد السادس، أو من خلال استقالة وزراء يتحملون مسؤولية مباشرة عن القطاعات الحساسة المرتبطة بالاحتجاجات، ذلك ان الشباب يريدون شيئا ملموسا، وعندما يكون الشارع هائجا لا يمكن مخاطبته بالوعود”.