السرار: المشرع لم يميز بين الأغلبية البرلمانية والحكومة وميثاق الأغلبية فرض “التنسيق الجماعي”

marocain
4 Min Read

أثار تصريح النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، نجوى كوكوس، بخصوص الفصل بين الحكومة والأغلبية البرلمانية، نقاشا دستوريا وسياسيا حول طبيعة العلاقة التي تجمع هاذين المكونين، وإذا كان من الضرورية أن يكون هناك تضامن فيما بينهما.

عبد الغني السرار، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالجديدة، لفت إلى أن التمييز بين الأغلبية البرلمانية والأغلبية الحكومية، أمر لم يشِر له الدستور بشكل صريح، مسترسلا “المشرع الدستوري لم يميز بين الأغلبية البرلمانية والأغلبية الحكومية، على غرار تمييزه بين الأغلبية البرلمانية والمعارضة البرلمانية، مع منحه الأخيرة بموجب الفصل العاشر حقوقا تمكنھا من النھوض بمھامھا الدستورية على الوجه الأكمل”.

وأوضح في حديثه ل”سفيركم”، أن الحكومة كمؤسسة دستورية، هي نتاج ومحصلة سياسية لتحالف أحزاب الأغلبية البرلمانية، أي الأحزاب التي حصلت، بمناسبة الاستحقاقات التشريعية على عدد من المقاعد يجعلها مؤهلة من الناحية العددية للدخول في تحالفات سياسية، وذلك بعد تلقيها لدعوة من الحزب الذي تَصَدَّر انتخابات مجلس النواب.

وتابع أن هذه الدعوة التي تهدف لنسج تحالفات قصد الدخول للحكومة تكون بعد حصول رئيس الحزب الأغلبي على تعيين من الملك بمثابة تكليف لبدء مفاوضات تشكيل الحكومة.

أستاذ العلوم السياسية، شرح ل”سفيركم” أن ضرورة الدخول في تحالفات حزبية تفرضه مسألة أن الحكومة من الناحية الدستورية، لا تكتسب وجودها الدستوري إلا بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، في إطار ما يسمى التنصيب البرلماني المنصوص عليه في الفصل 88 من الدستور، بعد أن يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ليعرض برنامجه الحكومي قبل أن يكون موضوع مناقشة وتصويت أمام كلا المجلسين، يَعْقبھا تصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منھم مجلس النواب.

وأضاف أن الأغلبية البرلمانية، من الناحية الدستورية والسياسية والبرلمانية، هي امتداد طبيعي للإتلاف الحكومي، قائلا:”لأنه لا يتوقع أن يصوت النواب المنتمين للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي ضد البرنامج الحكومي، كما لا يتوقع أن تصوت الأغلبية البرلمانية ضد مشاريع القوانين، حيث تتم عملية التصويت بشكل آلي وتلقائي لفائدة المبادرة الحكومية والمشاريع ذات الأصل الحكومي”.

وفي سياق التدليل بأن الأغلبية البرلمانية هي امتداد طبيعي وسياسي للأغلبية الحكومية، يقول السرار، أنه “لا بد من استحضار أن الأغلبية الحكومة الحالية التي تتكون من تحالف ثلاثة أحزاب، مباشرة بعد حصولها على التنصيب البرلماني، وضعت ما عُرِفَ بميثاق الأغلبية، باعتباره مرجعا سياسيا وأخلاقيا ملزما لمكوناتها، حيث تضمن العديد من المبادئ من بينها التزام جميع هيئات الأغلبية الحكومية بتعزيز التماسك المتين والتضامن المستمر بين مكوناتها، من أجل العمل المشترك والتنسيق الجماعي داخل مجلسي البرلمان بين وزرائها وفرقها النيابية”.

 

وأشارا ارتباطا بهدا التضامن بين الحكومة والأغلبية البرلمانية، إلى إحداث ما يسمى ب”هيئة رئاسة مجلسي البرلمان” التي تتكون من رئيسي الغرفتين المنتميين للأغلبية، برئاسة رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين بالتناوب خلال كل سنة تشريعية، وظيفتها تنسيق عمل الأغلبية بالغرفتين، إلى جانب “هيئة رئاسة مجلس النواب” التي تتكون من رؤساء فرق الأغلبية الحكومية بمجلس النواب للتنسيق بشأن مشاريع القوانين المعروضة للتصويت وتبني تعديلات مشتركة.

وتُضاف إليهما “هيئة رئاسة مجلس المستشارين” التي تتكون من رؤساء فرق الأغلبية بمجلس المستشارين، والتي الغرض منها التنسيق بشأن مشاريع القوانين المعروضة للتصويت من أجل تبني تعديلات مشتركة إزاءها، هذا إضافة إلى “هيئة رئاسة الأغلبية” التي تتكون من الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية الحكومية التي تعقد اجتماعين في السنة مع هيئة رئاسة مجلسي البرلمان ومع فرق الأغلبية بمجلسي البرلمان عشية افتتاح السنة التشريعية.

ويرجح أستاذ العلوم السياسية، أن الحكومة ربما تفتقر لمبدأ التضامن الحكومي المنصوص عليه دستوريا، مضيفا “يبدو أيضاً أن ما سمي ميثاق الأغلبية ليس سوى إعلان نوايا يستعصي أجرأتها، ذلك أنه لا التضامن الحكومي ولا ميثاق الأغلبية لم ينجحا في تجنيب مكونات الحكومة من الوقوع في خلافات وتباينات سياسية، حيث لوحظ بمناسبة الاحتجاجات الأخيرة أن حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة يتبرآن من سوء تدبير الحكومة الحالية، لملفي الصحة والتعليم، بالرغم من كونهما جزءا من الأغلبية الحكومية الحالية”.

Share This Article