أحمد بوز: الحياة السياسية لم تتحرر بعد من مركزية القرار الملكي

marocain
3 Min Read

قال أستاذ العلوم السياسية أحمد بوز، إن انتظار الجميع للخطاب الملكي لمعرفة إلى أين تتجه البلاد، يعني أن الحياة السياسية لم تتحرر بعد من مركزية القرار الملكي، وأن “الديمقراطية المغربية” ما زالت تراوح بين محدودية ورمزية المؤسسات المنتخبة وقوة سلطة غير منتخبة تهيمن على القرار وتحتكر المبادرة في المجالات الحيوية والاستراتيجية.

وتابع في تدوينة له على صفحته بمنصة “فيسبوك”، أن اختيار الملكية كعنوان للضغط والانتظار يعكس وعيا راسخا بأن الشرعية السياسية العليا ما تزال في يدها، وأن الكلام الملكي قادر على تغيير المزاج العام أو توجيه المرحلة السياسية، مؤكدا أنه “هنا تكمن قوة المؤسسة الملكية وضعفها في آن واحد: قوتها لأنها تحظى بثقة الشارع، وضعفها لأنها تتحمل وحدها عبء الانتظارات وتكلفة الإصلاح”، وِفقت للمتحدث.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن إيقاف الاحتجاج بالموازاة مع الخطاب الملكي، وتوجيه نشطاء لرسالة إلى الملك يطالبونه فيها ب”التحرك في العمق”، مبادرات وإن كانت تعكس وعيا سياسيا بأهمية ووزن المؤسسة الملكية في النظام السياسي المغربي، وإدراكا عاما بأن الملك يظل الفاعل الأهم في اللحظات العادية كما في لحظات التوتر أو الأزمات، فإنها تثير بعض الملاحظات الجوهرية.

وتساءل المتحدث “إذا الملك هو المخاطب الأول في كل أزمة سياسية أو اجتماعية، ألا يعكس ذلك نوعا من المفارقة في بنية الوعي السياسي الجماعي بالمغرب؟ “، مسترسلا أن المواطنين بمن فيهم الشباب المحتجون اليوم، يدركون أن القرار الحاسم يوجد في القصر، لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بإسقاط الحكومة أو محاسبتها.

هذا التناقض وِفقا لأستاذ العلوم السياسية يعكس واقعا مركبا “حكومة محدودة الصلاحيات تتحمل الانتقاد الشعبي، وملكية تنفيذية قوية تبقى بمنأى عن المساءلة لأنها تُتَمَثَّل كرمز للاستقرار ولاستمرارية الدولة”، لذلك، حين يحتج الشارع، فإنه يفعل ذلك داخل “الهامش المسموح”، دون المساس بشرعية الملك، بل أحيانا بدعوى “مساعدته” على تصحيح أخطاء من حوله وفقا لمنطق “الملك طيب، الطبقة السياسية سيئة”، الذي تحدثت عنه الباحثة مونيا بناني الشرايبي.

وأكد بوز أن هذا السلوك الجماعي في توجيه الأنظار نحو الملك يعكس أيضا طبيعة الوعي السياسي الذي تشكل تاريخيا في ظل نظام يقوم على شخصنة السلطة أكثر مما يقوم على مأسستها.

وأضاف أن الثقة قد لا تمنح بالضرورة للمؤسسة بقدر ما تمنح للشخص الذي يجسدها، والانتظارات لا تتجه نحو الآليات الدستورية بقدر ما تعلق على تدخل فوقي يصلح ما أفسدته السياسة، قائلا “وهكذا تتحول الملكية، من حيث تدري أو لا تدري، إلى مرجعية شمولية في المعنى الرمزي والسياسي، أي إلى جهة ينتظر منها أن تحدد الاتجاه وتصوب الانحرافات وتمنح الشرعية أو تسحبها”.

ويمكن القول وِفقا لتعبير المتحدث إن الحركات الاحتجاجية، حتى حين لا تصرح بذلك، تعيد إنتاج منطق “الملاذ الأخير”، حيث لا يطلب من الدولة باعتبارها منظومة متكاملة أن تستجيب، بل من الملك بصفته الضامن الأعلى، لافتا إلى أنه “منطق يضعف فكرة المواطنة باعتبارها علاقة مباشرة بين الفرد والدولة، فبدل أن تخلق الأزمات لحظة مساءلة للمؤسسات المنتخبة، تتحول إلى لحظة توسل إصلاحي للسلطة العليا”.

Share This Article