تتجه وزارة الداخلية إلى عقد اجتماع حاسم مع قادة الأحزاب السياسية خلال الأيام المقبلة، في إطار آخر جولة من المشاورات حول إصلاح المنظومة الانتخابية، تمهيدا لتسليمهم مسودات القوانين الجديدة قصد الاطلاع عليها وإبداء الملاحظات قبل إحالتها على المسار الحكومي والتشريعي للمصادقة النهائية.
وتنص التعديلات المرتقبة على مراجعة شاملة للوائح الانتخابية الوطنية، بهدف وضع حد نهائي لتكرار الأسماء والتسجيلات المزدوجة، والتشطيب على المتوفين أو غير المؤهلين قانونيا للمشاركة في الاقتراع.
كما تسعى الداخلية إلى توحيد اللوائح المعتمدة في مكاتب التصويت بعد ملاحظات حزبية سابقة حول اختلافها مع المحاضر الرسمية خلال استحقاقات ماضية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الوزارة تعتزم عرض مشاريع القوانين على الأمانة العامة للحكومة قبل نهاية الشهر المقبل، ليتم تنقيحها والمصادقة عليها في المجلس الحكومي، ثم إحالتها على لجنتي الداخلية في البرلمان بغرفتيه، على أن تصدر النصوص النهائية في الجريدة الرسمية قبل متم السنة الجارية، أو مطلع السنة المقبلة في حال تعذر ذلك تقنياً.
وطلبت وزارة الداخلية من الأحزاب السياسية الامتناع عن منح التزكيات لأي مرشح متورط في قضايا فساد أو متابعة قضائيا، مشيرة إلى أن أكثر من 50 برلمانيا و100 منتخب محلي وجهوي يوجدون رهن التحقيق أو المتابعة.
كما ستفعل الوزارة مقتضيات المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية لمحاربة ما أسمته “الجريمة الانتخابية”، عبر تتبع الاتصالات الهاتفية المشبوهة واعتماد تقارير أعوان السلطة لجمع المعلومات حول الممارسات غير القانونية.
وستشمل الرقابة أيضا محاربة استعمال المال لشراء الأصوات، عبر تتبع حركة الأموال في البنوك والممتلكات الخاصة، ومراقبة حملات التبرعات والإحسان العمومي التي قد تستغل في تمويل الحملات الانتخابية بطرق غير مشروعة.
وقد سبق لقضاة المجلس الأعلى للحسابات أن رصدوا تجاوزات في هذا المجال، من خلال نفقات انتخابية غير مبررة وهبات تفوق السقف القانوني.
وتعتزم الداخلية إطلاق حملات تحسيسية وإعلانات رسمية تحذر المرشحين والناخبين على حد سواء من الانخراط في ممارسات الرشوة الانتخابية، مع تخصيص رقم هاتفي لتلقي البلاغات حول حالات الفساد.
ورغم الإجماع على ضرورة تخليق الحياة السياسية، لم تتوصل الأحزاب بعد إلى صيغة توافقية لميثاق شرف يمنع المفسدين من خوض الانتخابات، في وقت تنفق فيه مبالغ ضخمة للفوز بالمقاعد، وهي أموال كان يمكن توجيهها لدعم الشباب وتمويل المشاريع المنتجة وفرص الشغل، بدل تغذية مظاهر الفساد السياسي التي تعمق فقدان الثقة وتزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي.