الانتداب والعقوبات والتوازن.. المجلس الاقتصادي يقدم ملاحظاته حول مشروع قانون مجلس الصحافة

marocain
4 Min Read

أبدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ملاحظاته حول قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، التي تمس جوهر التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في المغرب، محذرا من اختلال التوازن في تمثيلية الفاعلين داخل المجلس وتأثير ذلك على استقلالية قراراته ومصداقيته.

وأوضح المجلس في رأيه حول مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أن مشروع هذا القانون أحدث خللا واضحا في التوازن العددي بين ممثلي الناشرين والصحافيين، إذ نص على تمثيلية سبعة ناشرين مع إضافة حكمين من نفس الفئة، مقابل سبعة فقط من الصحافيين في فئة ممثلي الصحافيين.

وأضاف أن هذا التفاوت، بحسب الفاعلين الذين استمع إليهم المجلس، من شأنه أن يخل بروح التنظيم الذاتي التي تقوم على مبدأ المساواة بين مختلف مكونات المهنة، كما قد ينعكس سلبا على الدور التأديبي للمجلس وعلى حياد قراراته في القضايا المتعلقة بالمؤسسات الناشرة.

وفيما يتعلق بطريقة اختيار ممثلي الصحافيين، أشار المجلس إلى أن مشروع القانون اعتمد نظام الاقتراع الإسمي الفردي بدل التصويت باللائحة، وهو خيار قد يؤدي إلى إقصاء بعض الفئات المهنية وفتح الباب أمام هيمنة فئة واحدة داخل المجلس، في حين أن نظام التمثيل النسبي المعمول به سابقا يضمن تعددية أوسع تشمل الصحافة الورقية والإلكترونية والسمعية البصرية والجهوية وصحافة الوكالة.

وثمّن المجلس خطوة تقليص شرط الأقدمية اللازمة لارشح الصحافيين من 15 سنة إلى 10 سنوات، معتبرا أن هذا الإجراء يتيح فرصة أكبر للصحافيين الشباب للمشاركة في تسيير المجلس، خاصة في ظل التحولات الرقمية وتنامي دور الذكاء الاصطناعي في العمل الصحافي.

أما بخصوص ممثلي الناشرين، فقد توقف المجلس عند ما نصت عليه المادة الخامسة من المشروع من اعتماد مبدأ “الانتداب” من طرف الهيئات الأكثر تمثيلية بدل الانتخاب المباشر، وهو ما اعتُبر تراجعا عن مبدأي الديمقراطية والمساواة المنصوص عليهما في الدستور، إذ يميز هذا الخيار بين فئتي الصحافيين والناشرين.

كما انتقد المجلس المعايير الاقتصادية التي اعتمدها المشروع لتوزيع الحصص التمثيلية للناشرين بناء على رقم المعاملات السنوي وعدد المستخدمين المصرح بهم، دون الأخذ بعين الاعتبار معايير مهنية وأخلاقية كجودة المحتوى وحجم المقروئية ومدى احترام قواعد المهنة.

وأشار المجلس إلى أن هذه الصيغة قد تتيح للمؤسسات الكبرى ذات الإمكانيات المالية الضخمة السيطرة على مقاعد فئة الناشرين، على حساب هيئات الناشرين الصغيرة والمتوسطة التي تشكل النسيج الأساسي للصحافة الوطنية. وقال إنه يمكن على سبيل المثال لمقاولة يتجاوز رقم معاملاتها 9 ملايين درهم وتشغل أكثر من 66 مستخدما أن تحصل على 20 حصة تمثيلية، مقابل حصتين فقط لمقاولة صغيرة لا يتجاوز رقم معاملاتها 3 ملايين درهم ولا يقل عدد مستخدميها عن 5.

وحذر المجلس من أن نظام الانتداب بهذه الصيغة سيمكن الهيئة المهنية الأكثر تمثيلية من الاستحواذ على جميع مقاعد فئة الناشرين، مما سيقصي الهيئات الأخرى، خاصة تلك التي تمثل الناشرين الصغار، ويقوض مبدأ التعددية الذي يفترض أن يكون ركناً أساسياً في تركيبة المجلس الوطني للصحافة.

وفيما يخص مقاربة النوع، أشاد المجلس بإلزامية انتخاب ثلاث صحافيات مهنيات على الأقل ضمن فئة الصحافيين، لكنه سجل في المقابل غياب هذه المقاربة في فئة الناشرين وباقي المكونات، مبرزا أن بعض المنظمات تعتبر ذلك تراجعا عن روح القانون السابق الذي كان يدعو إلى المناصفة، وعن مقتضيات الفصل 19 من الدستور.

كما تطرق المجلس إلى مسألة العقوبات التأديبية التي يصدرها المجلس الوطني للصحافة، مشيرا إلى أن مرسوم الدعم العمومي يشترط استفادة المقاولات الإعلامية من الدعم بعدم وجود عقوبة تأديبية ضدها، ولفت إلى أن هذا المقتضى أثار تخوف الفاعلين من احتمالية تضرر المؤسسات الصغيرة التي تعتمد على الدعم العمومي كمصدر أساسي للاستمرارية، ويجعلها عرضة للإفلاس في حال تعرضها لأي قرار تأديبي.

وخلص المجلس الإشارة إلى أن تبعات هذه العقوبات لا تمس فقط المؤسسات الناشرة، بل تطال الصحافيين أنفسهم من خلال تهديد استقرارهم المهني والاجتماعي، سواء بسبب سحب البطاقة المهنية أو نتيجة توقف المقاولة عن العمل.

Share This Article