أثار غياب أي إشارة “صريحة” إلى جمارك سبتة ومليلية في اجتماع اللجنة العليا المغربية الإسبانية بمدريد، موجة انتقادات واسعة من قبل أحزاب محلية وفاعلين اقتصاديين، الذين اعتبروا أن تجاهل هذا الملف يزيد من تعميق الأزمات التجارية التي تعيشها المدينتين.
وأوضحت تقارير إعلامية إسبانية أن غياب سبتة ومليلية بشكل كامل عن الوثائق الرسمية الصادرة عقب الاجتماع خلق حالة من الاستياء، خصوصا داخل الأوساط السياسية التي ترى أن الحكومة الإسبانية “تنازلت عن قضايا أساسية” تخص المدينتين في علاقتها مع الرباط.
وأضافت التقارير أن رئيس حزب “فوكس” في سبتة، خوان سيرخيو ريدوندو، اتهم حكومة بيدرو سانشيز باتباع “سياسة الصمت المتواطئ” واستبعاد المدينتين من النقاشات، واصفا ما جرى بأنه “خضوع مخجل” يسمح للمغرب، بحسب تعبيره، بـ“تحقيق ما يريده دون تقديم أي ضمانات”.
وذكرت المصادر نفسها أن ريدوندو شدد على أن غياب أي إشارة للمدينتين في البيان المشترك “ليس صدفة”، بل “قرار سياسي واع” يكرس تهميشا ممنهجا، محذرا من أن سبتة ومليلية “لا يمكن أن تتحولا إلى ورقة تفاوضية تقدم في سياق التهدئة الدبلوماسية”.
وومن جانبها، أشارت تقارير متطابقة إلى أن الفاعلين الاقتصاديين في سبتة ومليلية عبروا بدورهم عن استيائهم من الوضع. ففي سبتة، قال إنريكي ألكوبا، رئيس اتحاد رجال الأعمال (CEME–CEOE)، إن الحديث عن فتح الجمارك “غير صحيح”، مضيفا: “لا تمر أي شاحنة في أي اتجاه، ومن المهين القول إن الجمارك تعمل بينما هي مجرد إعلان”، مطالبا الحكومة الإسبانية بأن تكون أكثر وضوحا وحزما بهذا الخصوص.
وأكدت مصادر اقتصادية أن الشركات تعتبر أن الجمود التجاري يهدد نسيجها الاقتصادي، بينما وصف ألكوبا استمرار العمل بنظام المسافرين دون فتح الجمارك رسميا بأنه “انتهاك واضح لمبدأ المعاملة بالمثل”.
ومن جانبها لفتت نفس التقارير إلى أن مليلية تواجه هي الأخرى “شللا اقتصاديا” بسبب ما وصفته الناطقة باسم حكومة مليلية، فضيلة مختار بـ“الفشل الذريع” في إعادة فتح الجمارك التجارية، مؤكدة أن ما حدث “ليس تنفيذا لاتفاق”، بل “مسرحية شكلية بلا مضمون”.
وقالت مختار إن نظام عبور المسافرين، الذي أصبح المنفذ التجاري الوحيد، يعمل في اتجاه واحد من المغرب إلى إسبانيا، ما يخلق “اختلالا تجاريا غير مسبوق”، زاعمة أن سكان المدينة يتعرضون لـ“تضييق ومعاملة مهينة” من قبل السلطات المغربية عند محاولة العبور نحو مليلية، في ظل طوابير انتظار تتجاوز عشر ساعات يوميا عند معبر بني إنصار.
كما أفادت نفس التقارير أن رئيس حكومة الكناري فرناندو كلافيخو عبر عن استغرابه من “استبعاد الجزر من نقاش يخص مستقبلها مباشرة”، مؤكدا أن الحكومة المركزية “أخطأت في إدارة الملف”.